أين أبو طبيله هذه الايام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




الطبيله تصغير طبله ، وأبو طبيله شخص يطوف الأحياء في ليالي رمضان وقت الأسحار ليوقظ الناس للسحور ، ويمسك أبو طبيله طبله ينقر عليها وهو يردّد بعض الأدعيه والعبارات التي تشجّع الناس على الاستيقاظ من نومهم ، وكل حي له أبو طبيله خاص به وتختلف النداءات التي يردّدونها كل بقدر اجتهاده ومعرفته وعلى سبيل المثال نورد هذه العبارات التي يردّدها بعضهم :لا إله إلا الله
محمد رسول الله
يا صايم يا نايم
اعبد ربّك الدايم
كَوم صل كَوم صوم # كوم = قوم#
كَوم اتسحّر بالمقسوم
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
واشرب ماي القراح
قبل لا يجيبك الصباح
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
علي ولي الله
ولا يزال أبو طبيله يردّد مثل هذه العبارات حتى مطلع الفجر ، ويشترك أبو طبيله في ليالي القرقيعان – فيما مضى – حيث يطوف بالأحياء التي يتردّد عليها في الأسحار ويجمع القرقيعان ومعه حمار عليه ( وجر ) ويغني أغاني قرقيعان ، وإذا تباطأ القرقيعان من أهل البيت يقول : ( يسوكَـ الحمير لو ما يسوكَـ ) ، أي هل هناك رغبه في اعطائي قرقيعان أو دعوني أنصرف أنا وحماري ، ويبدو أن أهل المنزل تعمّدوا التأخير ليسمعوا منه تلك العباره وحتى بعد أن اختفى أبو طبيله عن الاشتراك في القرقيعان إلا أن الأولاد لا زالوا يردّدون ( يسوق الحمير لو ما يسوق ) .

وفي الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان يقوم أبو طبيله بالطواف نهاراً حول البيوت لجمع التبرعات من الناس الذين خدمهم في ليالي رمضان وللحصول أيضاً على زكاة الفطره ، وهي في العاده تكون من القمح أو التمر أو الرز أو النقود ، وأثناء تطوافه يقف عند كل بيت ويتبعه سرب من الأطفال ويردّد أبو طبيله كلمتيْ : عادت عليكم .. ويرد الأطفال بقولهم : ( والشر ما يجيكم ) وهذا الدعاء عائد إلى أهل المنزل وهي دعوة أبو طبيله بأن تعود عليهم السنه مرّه ومرات وهم سالمون من الشرور .


وهذا وصف لابو طبيلة من لاحدى الاشخاص الذين شاهدو ابو طبيلة في ذاك الوقت يقول :----
وصف لأبي طبيله (1*) : في ضحى يوم من أيام شهر رمضان من عام 1947م (2*) انطلقنا من مدرسة ملا / مرشد .. مبكّرين بسبب الصيام وسمعنا على البعد صوت طبل أو طبيله .. فانطلقنا نبحث عن مصدر الصوت ومن سكّه إلى سكّه إلى أخرى حتى عثرنا على أبي طبيله وحوله عدد من الأولاد واندسست بينهم ، كان أبو طبيله المرقاب ( أعمى على وجهه ندبات من أثر الجدري ( أخرش ) ينقر الطبل بعصا خيزرانه طولها حوالي قدم وزميله يمسك الحمار وهو رجل عجوز بدين فقد إحدى عينيه وقد شمّر أكمامه إلى نصف ساعده كما رفع أطراف ثيابه وربطها حول بطنه وطوى غترته حول رأسه ( جرينبه ) .

أما أبو طبيله نفسه فقد أمسك بالطبل الذي يتدلى من رقبته أما حماره فقد أصابه الهزال ويعاكسه الأولاد من جميع أطراف جسمه وفوقه الوجر وهو عباره عن كيس كبير من الخيش ويضع فيه ما يحصل عليه من الصدقات .

أخذ أبو طبيله وأتباعه يردّدون النداء ثم فتح الباب وامتدّت يد امرأه لا تكاد ترى اليد لأنها ملفوفه بالسواد وقدّمت ( طاسه ) فيها رطب فيتناولها مساعد أبو طبيله لكي يضع ما فيها في الوجر فلاحظت أن الوجر مجزأ إلى أربعة أجزاء وشاهدت الخيش ويضع فيه ما يحصل عليه من الصدقات .

وعندما كثرت المنازل وزاد السكان من أناس لا يعرفون رمضان ولا القرقيعان ولا الفطره ولا العيادي .. اختفى أبو طبيله .


مع خالص التحايا المعطرة