الإمام محمد المهدي
(عجّل الله تعالى فرجه الشريف )
تأليف
سيّد مهدي آيت اللّهي
ترجمة
كمال السيّد
الميلاد :
وُلد الإمام الثاني عشر في 15 شعبان سنة 255 هجرية وبولادته أشرق أمل المعذبين والمقهورين في الدنيا .
أبوه : الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) . وأمّه : امرأة طاهرة تدعى "نرجس" من ذرّية " شمعون الصفا " أحد حواريّي المسيح ( عليه السلام ) .
والمهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) هو آخر أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد بشَّر به جدُّهُ محمد ( صلى الله عليه وآله ) في أحاديث متواترة بأنّه : يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً .
اسمه : محمد ، ولقبه : المهدي ، وكنيته : " أبو القاسم " ، فهو يحمل اسم سيدنا محمد وكنيته ، كما يحمل رسالة جدّه العظيم .
وهو الوليد الذي صدر الأمر بإلقاء القبض عليه قبل ولادته ، وكان الجواسيس يراقبون كل شاردة و واردة عن مولده ، ولكن الله نجّاه كما نجّى نبي الله موسى ( عليه السلام ) من فرعون ، وكما نجّى رسول الله إبراهيم ( عليه السلام ) من قبضة النمرود .
وخلال مراسم الزواج ، انهارت الصلبان ، فتشاءم القيصر وأُلغي الزواج .
وصادف أن اشتعلت الحرب بين الروم والمسلمين ، فوقعت في الأسر وجيء بها إلى بغداد ، وعُرضت مع الجواري .
انطلق بشر الأنصاري من سامراء إلى بغداد بأمر الإمام الهادي ( عليه السلام ) ليشتري جارية كان الإمام قد حدّد له مواصفاتها .
وبعد أن استعرض " بشر " الجواري ، رأى ( نرجس ) أكثر الجواري شبهاً بالصفات التي حدّدها له سيّده .
وفي الطريق كشفتْ نرجس عن هويتها ، فإذا بها حفيدة القيصر ، وتحدّثت عن الملابسات التي أدّت إلى وقوعها في الأسر .
وبعد مدّة زوّج الهادي ( عليه السلام ) نرجس من ابنه الحسن .
وهكذا قُدِّر لهذه الفتاة أن تحمل في بطنها صبياً بشّرت بميلاده الأنبياء .
حياة الإمام المهدي ( عليه السلام ) :
تنقسم حياة الإمام إلى ثلاث مراحل :
الأولى : في عهد والده ( الإمام الحسن العسكري ) و تبلغ مدّتها 5 سنوات أي من حين ولادته سنة 255 هجرية . وحتى استشهاد والده الإمام العسكري ( عليه السلام ) . وخلال هذه المدّة كان الإمام يحافظ على ابنه ، فلا يراه أحد سوى بعض أصحابه والمقرّبين إليه . . خوفاً من تسرّب الأخبار إلى العباسيين وجواسيسهم الذين كانوا يراقبون منزل الإمام بدقّة .
المرحلة الثانية : تبدأ من استشهاد أبيه ( عليه السلام ) . . ظهر فيها فجأة فصلّى على جثمان والده ، ليثبت وجوده في حين أراد عمّه " جعفر " الاستفادة من هذه الفرصة ليعلن نفسه الإمام بعد وفاة أخيه .
وتمتدّ هذه الفترة سبعين سنة ، كان الإمام يتّصل خلالها بالناس عن طريق سفير يعيّنه ، وقد تعاقب على السفارة بين الإمام والناس أربعة سفراء هم كل من :
1. عثمان بن سعيد .
2. محمد بن عثمان .
3. الحسين بن روح .
4. علي بن محمد السمري .
وانتهت هذه المرحلة التي تُعرف بـ (الغيبة الصغرى ) بوفاة السفير الأخير سنة 329 هجرية وقد أعلن قبل وفاته انتهاء السفارة ودخول الإمام المهدي مرحلة جديدة من حياته هي الغيبة الكبرى .
المرحلة الثالثة : وتبدأ سنة 329 وتعرف بـ ( الغيبة الكبرى ) وما تزال مستمرة حتى الآن حتى يأذن الله بظهور الإمام لينهض برسالته في تطبيق العدالة التي تنتظرها البشرية بفارغ الصبر . وعندها ستنتهي الحروب والشرور ، ويعمّ الخير في أنحاء الأرض .
وخلال هذه الفترة الطويلة حدثت لقاءات عديدة بين الإمام والكثير من الناس ، منهم علماء عباقرة ومنم ناس بسطاء .
وقد سجّل التاريخ كثيراً من هذه اللقاءات التي لا يمكن لأحد أن يشكّ فيها .
نسمع كثيراً بالصحون الطائرة ، وكثير من البلدان أنشأت مؤسسات لدراسة هذه الظاهرة المحيّرة .
كثير من الناس رأى ذات ليلة صافية جسماً مضيئاً متألّقاً ينتقل بخفة ثم يختفي بسرعة بعد أن يترك آثاراً عجيبة .
درس العلماء هذه الظاهرة واستمعوا إلى إفادات وتقارير الشهود بينهم طلبة متعلمون ، وفلاحون بسطاء وعلماء ومهندسون .
وانتهى العلماء إلى نتيجة أن هناك أجساماً غريبة تأتي إلى الأرض من كواكب أخرى أو من أماكن مجهولة في كوكبنا وأنه لا يمكن إنكارها أبداً .
ونحن اليوم أمام ظاهرة أخرى أقوى بكثير من الصحون الطائرة ألا وهي ظاهرة المهدي الموعود الذي بشَّر به سيدُنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وملفّ الإمام لا يمكن قياسه أبداً بملفّ الصحون الطائرة .
فهناك وثائق تاريخية كثيرة تشير إلى ولادته ، وهناك أناس لا يمكن إنكار شهادتهم في رؤيته .
وفي عصرنا الحاضر سجل بعض الناس مشاهدتهم للإمام ولقاءهم به ، وهم علماء كبار جداً ، ولم يكن لهم في ذلك مصلحة ما ، وقد أشاروا إلى ذلك بعد أن انتقلوا إلى رحمة الله .
أما في زمن العباسيين ، فإن أيّ ادّعاء من هذا القبيل كان يعرِّض صاحبه للإعدام ، ومع ذلك صمَد السفراء على مدى سبعين سنة على مواقفهم ، رغم المخاطر التي تترتّب على ذلك .
واليوم ، عندما نطَّلع على ملفّ الإمام المهدي نجد شهادات كثيرة لا يمكن إنكارها تشير إلى وجود الإمام المهدي وأنه يحيا حياة عادية ولكنه يخفي هويته إلى أن يحين الوقت المناسب للظهور والنهوض بمهمته الإلهية الكبرى في تحقيق العدالة الإنسانية في الأرض .
الإنتظار :
يُطلق شيعةُ أهل البيت ( عليهم السلام ) على الإمام المهدي " المنتظَر " أي الرجل الذي ينتظر الناسُ ظهوره .
المسلمون يؤمنون بظهور المهدي ( عجل الله فرجه ) لأنّ سيدنا محمّداً بشّر بظهوره ، فقد روى كثير من الصحابة أنّهم سمعوا النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه اسمي و كنيته كنيتي يملأ الأرض عدلاً .
كما سمعوه يقول : المهدي من عترتي ومن ولد فاطمة .
صدق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وشيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) يهتمّون بأخبار سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأخبار وصيّه عليّ ( عليه السلام ) والأئمة من ولد فاطمة ، وهم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، لهذا سجّلوا تاريخ ولادته وهي سنة 255 هجرية وسجّلوا الوثائق التي تؤيّد وجوده ، وتحقَّق لديهم صدق سيدنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) الذي أشار إلى أن الأئمة اثنا عشر كلّهم منهم قريش ، فاتباع مذهب أهل البيت هم وحدهم يفسِّرون حديث رسول الله ، في حين بقيت المذاهب الأخرى حائرة فلا هم يستطيعون إنكار حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولا هم يستطيعون أن يفسّروه التفسير المقنع والمناسب .
عمر الإمام :
يبلغ عمر الإمام المهدي اليوم 1160 سنة . السؤال هنا : كيف يعيش الإنسان كل هذه السنين ؟
الجواب : إن الله قادر على كل شيء . . . لقد عاش سيدنا نوح ( عليه السلام ) مدّة طويلة . وقد ذكر القرآن انه بقي يدعو قومه إلى دين الله 950 سنة ، غير العمر الذي سبق الدعوة والعمر الذي قضاه النبي ( عليه السلام ) بعد حادثة الطوفان . وعندما نقرأ القرآن نجد قصة نبي الله يونس الذي ابتلعه الحوت قال الله سبحانه : ولولا أن كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون أي إلى يوم القيامة . وقصة سيدنا المسيح ( عليه السلام ) عندما أراد اليهود قتله ، فرفعه الله إليه ، فصلبوا شخصاً آخر اشتبهوا في أنه المسيح كما ورد ذلك في القرآن الكريم .
ظهور المهدي :
ليس المسلمون وحدهم ينتظرون ظهور المهدي ، لينشر العدل والخير ، ويقضي على الظلم والشر .